خبراء تعليم عالي في ندوة بـ"عمان العربية" يشخصون واقعه ويعرضون للحلول الواقعية
عمان – شخص خبراء واقع التعليم العالي، وأكدوا على أن الانسحاب التدريجي للدولة من دعم الجامعات من جهة، وإحلال حلول كالبرنامج الموازي أسهم في تردي المخرجات.
وقال خبراء التعليم العالي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق العين الاستاذ الدكتور وجيه عويس، والاستاذ الدكتور عبدالله عويدات خلال ندوة بعنوان (التعليم العالي في عيون الخبراء)، أدارها رئيس جامعة عمان العربية الاستاذ الدكتور ماهر سليم اليوم الاربعاء إن "إصلاح التعليم عملية ليست سهلة لكنها تدريجية".
وفي هذا الصدد قال الاستاذ الدكتور عويس، وهو حاصل على الدكتوراه في الوراثة الجزئية، وشغل منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزيرا للتربية والتعليم كما كان رئيس اللجنة الوطنية لصياغة الاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية إن من الاخطاء الاستراتيجية التي شهدها قطاع التعليم في الاردن تمثل في "تخلي الحكومة عام 1996 عن دعم الجامعات، وانشأت بدلا من هذا الدعم البرنامج الموازي، الذي اعتقد أنه من أبرز الاسباب في تراجع التعليم، كما انه غير قانوني وغير دستوري لانه يمكن الغني من التعليم ويحرم الفقير".
وأضاف أنه "(البرنامج الموازي) صار وكأنه بمثابة جامعة خاصة داخل جامعة رسمية".
وبين أن من الاخطاء الاستراتيجية أيضا أن الحكومة "أدخلت الصندوق الذي تأسس عام 1964 بموحب قانون دعم الجامعات من قبل الاردنيين، وقت إنشاء الجامعة الاردنية ضمن الموازنة، علما أن هذا الصندوق كان يمول من الضرائب وكان كافيا".
وقسم الاستاذ الدكتور عويس مراحل التعليم العالي إلى مراحل أولها مرحلة العصر الذهبي والذي تخلله إنشاء الجامعة الاردنية، ومرحلة الاختلالات ومرحلة الاصلاح "الذي لم يطبق أو طبق خطأ"، بحسبه.
ودلل الخبير عويس لمظاهر الاختلال في التعليم العالي الآن، بالاشارة لأعداد الخريجين من كليات الطب في جامعتي العلوم والتكنولوجيا والجامعة الاردنية ، فأين الاعتماد عندما يكون العدد 500 خريج من كل جامعة في وقت يجب أن لا يتجاوز الـ 100 خريج، متسائلا كيف تسرب هؤلاء.
لكن الخبير عويس، بين أن الاصلاح كان محور الاهتمام من الدولة بدليل الخطط الاستراتيجية العديدة التي كان آخرها خطة الموارد البشرية التي ركزت على محور التعليم وأوصت بإلغاء الموازي لان لا عدالة فيه ولا تكافؤ فرص، وضرورة تغيير سياسات القبول، وتعويض الحكومة على الغاء البرنامج الموازي عبر إعطاء الحكومة الجامعات التمويل تدريجيا.
لكن لم يطبق ذلك – بحسب الخبير عويس – الذي قال إن الاصلاح عملية ليست سهلة أو لا يطبق بشكل صحيح والدليل أن السنة التحضيرية طبقت خطأ.
من جهته قال الاستاذ الدكتور عبدالله عويدات، الحائز على الدكتوراه في علم الاجتماع التربوي من جامعة جنوب كاليفورنيا، وكان وزيرا لعدة مرات، إن انسحاب الدولة من القطاع العام بسبب التطورات التي شهدتها المنطقة عقب الازمة الاقتصادية العالمية وحرب الخليج والارتهان لصندوق النقد الدولي، كل ذلك دفعنا للتوجه نحو اقتصاد السوق، وان ننسحب حتى من الجانب الاجتماعي، وان تدعم الدولة التعليم كما كان فصارت الجامعات تعتمد على ذاتها لتمويل برامجها.
فنشأ لدينا، يقول الخبير عويدات، مفهوم الطبقية في التعليم، كما نشأت لدينا مشكلة كيفية اختيار رؤساء الجامعات ووقعنا في المأزق لأنه منصب رئيس الجامعة صار يحكمه " الشللية والمحاصصة وصار ينظر لرئيس الجامعة كموظف وليس كقائد يقود الاجيال".
وحول الاستراتيجيات لتطوير التعليم، قال :"وضعت في الاردن ستة استراتيجيات للتعليم العالي.. وصار كل وزير يضع استراتيجية، في وقت لا توجد فيه سياسة واضحة للدولة تجاه المواطن الذي نريده وما نوعه وبالتالي ما المخرجات الجامعية التي نريدها".
واضاف :" وبدلا من التنوير من خلال الجامعات تحولت إلى جامعات تحتضن مجموعات من الطلبة تعتز بالاصول، وهذا مأزق كبير".
بدوره شدد رئيس الجامعة الاستاذ الدكتور ماهر سليم، في الندوة التي أدارها وحضرها العمداء وأعضاء هيئة التدريس والطلبة، على أن الجامعات هي التي تقود المجتمع ولذلك لا أن تظل مكانا للتوظيف بل لاعتماد منهج العدالة والمساواة المعتمد على الكفاءة، مبينا أن الدولة لم تنسحب من التعليم".
وجرى في نهاية الندوة حوار موسع تناول كيفية تطبيق الاصلاح الصحيح واللازم في مجالات التعليم وسياسات القبول لتجويد المخرجات وإعادة الجامعات لدورها التنويري.