الوعي المجتمعي بالجامعات وتخصصاتها الأكاديمية بقلم: أ.د. يونس مقدادي
بعد أعلان نتائج الثانوية العامة من كل عام يصبح الشغل الشاغل لذوي الطلبة الناجحين بالسؤال والاستفسار عن الجامعات وعن التخصصات المناسبة لأبناءهم في ظل ما يحتاجه سوق العمل لضمان مستقبل أبناءهم خشية من الوقوع في مستنقع سؤء الأختيار والنتيجة الحتمية المرافقة لهذه الحالة المزعجة كالبطالة وتبعاتها كنتيجة لضعف الوعي لدى الغالبية بالتخصصات المطلوبة في سوق العمل، ناهيك عن خوفهم المتزايد على مستقبل أبناءهم من المفاجآت غير السارة بالرغم من الحديث المتكرر عن عواقبها والمعروفة للجميع.
وبحكم العلاقات الاجتماعية والشخصية يتعرض غالبية الأكاديمين في تلك الفترة بعدد من الاستفسارات التوضيحية من الأقارب والأصدقاء عن رأيهم الصريح ونصحهم وتفضيلاتهم وذلك بحكم الاطلاع والخبرة عن التخصصات في الجامعات، ولكن الإجابة عن هذه الاستفسارات تضعهم في مواقف حرجة بسبب ضعف الوعي المجتمعي وضبابية الصورة المتكاملة عن الدراسة الجامعية، وخوفهم من قبول أبناءهم في التخصصات الراكدة منها، ناهيك عن ضبابية الوعي بالبرامج الحديثة والتقنية منها مع تزايد الخوف والقلق بمصيرها وخاصةٍ في ظل ما يسمعون عنها عبر وسائل الأعلام والأوساط الأكاديمية وأصحاب العمل محلياً وعالمياً.
أن موضوع الوعي المجتمعي قد أصبح محط حديث العديد وبشكلٍ متكرر وخاصةٍ في ظل أرتفاع نسب البطالة، وركود عدد كبير من التخصصات، وضبابية مستقبل العديد من التخصصات، مما أوجست المجتمع وأبناءهم مع غياب فرص العمل المناسبة لضمان مستقبلاً يفتح لهم آفاق أقتصادية واجتماعية تحقق لهم طموحاتهم وآمالاهم المستقبلية. ومن هنا نجد بإن الوعي المجتمعي بالجامعات يُعد حلقة مهمة لابد من تداركها وبشكلٍ سريع لعلاقتها المباشرة بمستقبل أبناءنا والتي تتطلب جهود كبيرة من الجميع تضمن زيادة في الوعي المدرك لدى مختلف طبقات المجتمع لتسهيل عملية التحاق أبناءهم بالجامعات وأختيار التخصصات المناسبة لهم كي تخدم نتائجها مصلحة الجميع.
ولو دققنا النظر في تداعيات ضعف الوعي المجتمعي بالجامعات وتخصصاتها الأكاديمية ومنذ عقود مضت لتبين لنا بإنها ساهمت في زيادة حالة القلق المجتمعي والمرتبط بدراسة أبناءهم في تخصصات الجامعات المختلفة وخاصة في ظل زيادة أعداد الخريجين من الجامعات مع ضآلة فرص العمل المتاحة وتشبع سوق العمل، مما استوقف الجميع ونخص هنا طلبة الثانوية العامة وذويهم مع بقاء الجميع في حيرة من أمرهم وطرحهم لنفس السؤال المتكرر ما هي التخصصات المناسبة لتدريس أبناءنا.
ويرى المختصون بإن موضوع الوعي المجتمعي هي مسؤولية تشاركية مع كافة الاطراف المختصة ذات علاقة بالتعليم الجامعي، مما يتطلب من الجميع بالبحث عن حلول تُريح المجتمع من قلق الالتحاق بالجامعات وأختيار التخصصات المناسبة لضمان مستقبل أبناءهم.
وعليه نرى بإن تحسين مستوى الوعي وإذابة القلق المجتمعي والذي يتطلب معالجات وحلول ممنهجة ونقترح على سبيل المثال لا للحصر استحداث منصة اعلامية متخصصة بالتعليم بكافة مستوياته للحديث عن التعليم وتحدياته في ظل تحديات سوق العمل واتجاهاته، وتكثيف البرامج الاعلامية التوعوية للطلبة إنطلاقاً من المرحلة الثانوية بمتطلبات وتحديات سوق العمل الحالية والمستقبلية، وتوعية أولياء الأمور لتكوين توجهات مستقبلية لدراسة أبناءهم وبعيداً عن توجهاتهم ورغباتهم الشخصية والاجتماعية والتي في الغالب تفرض على الأبناء في أختيارهم للتخصصات، وإيقاف نهائي للقبول بالتخصصات الراكدة والمشبعة ولمدة لا تقل عن 10 سنوات قادمة وبغض النظر عن تبعاتها، والتركيز على استحداث تخصصات حديثة ومرتبطة بمستقبل سوق العمل وضمن ضوابط مع الحذر من التوسع في عملية الاستحداث خشية الوصول بها إلى مربع التخصصات الراكدة في الوقت القريب وذلك لضمان مستوى عالٍ من الوعي المجتمعي في الجامعات وتخصصاتها ولإيضاح الصورة بشكلٍ ممنهج وضمن أساليب تتوافق مع تطلعات المجتمع التوعوية وتناغماً مع توجيهات وتطلعات صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله أبن الحسين المعظم وولي عهده الآمين حفظهم الله ورعاهم وحرصهم الموصول بالتعليم والتعليم الجامعي.