توجهات الجامعات المستقبلية بعد تقييم تجربة التعليم عن بُعد لعام دراسي ؟
بقلم: أ.د.يونس مقدادي - جامعة عمان العربية
لقد مضى عام دارسي كاملاً على الجامعات الأردنية في ظل جائحة كورونا بإتباعها منظومة التعليم عن بُعد، وها نحن قد دخلنا السنة الثانية مع بدء الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 2020/2021 والذي سيبدأ في 27/2/2021 أي بعد أسبوع من الأن وبالإعتماد على منظمومة التعليم عن بُعد. وبعد تجربة سنة دراسية مضت من التعليم عن بُعد إذ إستطاعت الجامعات إجراء عدد من الدراسات الاستطلاعية لأراء الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والإداريين لتقييم نتائج التجربة والتي توصلت إلى وجود العديد من الملاحظات التقنية والثقافية والتي تحتاج إلى حلول سريعة لتحسين آلية التعامل مع هذه المنظمومة بمهارات تقنية عالية المستوى، بالإضافة إلى عدم جاهزية الأطر التشريعية لهذه المنظومة وتعليماتها، على الرغم من الجهود الكبيرة التي بُذلت من إدارة الجامعات في ظل إمكانياتها التكنولوجية المتاحة حرصاً منها على تقديم أفضل الخدمات التعليمية لطلبتها ولمختلف برامجها الأكاديمية والدرجات العلمية.
ولقد تابعنا ومنذ ظهور الجائحة بالجهود الكبيرة التي بذلت من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتي تمخض عنها جملة من القرارات والتوجيهات حرصاً منها على سلامة سير العملية التعليمية والتعلمية في الجامعات مع الأخذ بالأسباب عملاً بمنظومة التعليم عن بُعد كخيارٍ وحيد، وبنفس الوقت حثها للجامعات العمل بإدخال عدداً من مساقات الخطط الدراسية لكافة البرامج الأكاديمية في وبشكل تدريجي تُدرس عبر منظومة التعليم عن بُعد، والتأكيد على الجامعات بإعطاء الأولوية في الفترة الحالية على تطوير الخطط الدراسية لكافة برامجها الأكاديمية.
وعليه أرى بإن هذه القرارات والتوجهات الرسمية قد أصبحت تشير وبوضوح إلى أن هناك توجهاً نحو منظومة التعليم عن بُعد كخيار مستقبلي وإن كان هذا الأمر قد يستغرق بعض الوقت ولكن المهم بالموضوع بأن الجميع قد أدرك أهمية هذا الخيار في المستقبل القريب. وهذا يقودنا وبكل أمانة ودون تحيز أو قصد إلى عدة تساؤلات تخص الجامعات وإستعدادتها لهذا الخيار وهي: هل باشرت الجامعات فعلياً بالتفكير جدياً في بناء قناعات إيجابية لديها بإن منظمونة التعليم عن بُعد هي الخيار المستقبلي للتعليم الجامعي؟ وهل باشرت الجامعات في تبني هذه المنظمومة التعليمية كخيار في سياساتها وخططها الاستراتيجية والتنفيذية؟ وهل باشرت الجامعات بدراسة متطلبات هذه المنظومة لتوفيرها؟ وهل قامت الجامعات بتطوير مرافقها التكنولوجية الحالية وتطبيقاتها التعليمية ضمن المواصفات عالية الجودة إستعداداً لتبني هذه المنظومة كخيار في التعليم
الجامعي وليس فقط لظروف عابرة؟ وهل باشرت الجامعات بترسيخ ثقافة التوجه نحو التعليم عن بُعد كخيار مستقبلي لدى منتسبيها؟
وقد أشرت من خلال إستعراضي لمقالات سابقة والتي تناولت منظومة التعليم عن بُعد ومتطلباتها بإعتبارها المنظومة المستقبلية كخيار بديل أو موازي في التعليم الجامعي ، وذلك لما تتمتع به هذه المنظومة من مزايا ومنافع ذات مردود إقتصادي من حيث تخفيض حجم الانفاق على التعليم الجامعي ، وسرعتها في مواكبة التطور التكنولوجي في التعليم وذلك بإعتمادها على التطبيقات والتقنيات الحديثة والتي شهدها قطاع التعليم مؤخراً، وأخرى تسويقية لإفساح المجال أمام الجامعات بإستقطاب طلبة من كافة أنحاء العالم للإلتحاق ببرامج الجامعات الأكاديمية المختلفة بكل سهولة بما يسمى بتدويل التعليم والانطلاق إلى العالمية لخدمة الأجيال القادمة وتعليمهم مع الأخذ بعين الأعتبار ظروف العصر وتحدياته.
وقد لاحظ الكثير منا في الأونة الأخيرة كيف تتسابق الجامعات العالمية عبر مواقعها الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي بالإعلان عن برامجها الأكاديمية للراغبين بالإلتحاق بها بإعتمادها لغايات التدريس على منظومة التعليم عن بُعد، مما يدل ذلك على سرعة إستجابة هذه الجامعات لواقع وأهمية هذا الخيار وتبنيه حرصاً منها على مكانتها ومسيرتها التعليمية وبقاءها بإعتباره خياراً مستقبلي للتعليم الجامعي القائم على التكنولوجيا وتطبيقاتها المختلفة.
وبإعتقادي بإن الجامعات حالها كحال أية مؤسسات تعمل ضمن قطاعات حكومية أو خاصة إذ تتأثر بظروف وتحديات تفرض نفسها على عملها وأداءها، مما لا يمنع من البحث عن أفضل الخيارات المستقبلية للتعليم لديها، وبالتالي لابد منها البدء وبجدية بالعمل على مواكبة تحديات العصر ومتطلباته إنطلاقاً من تطوير سياساتها التعليمية، وتطوير خططها الاستراتيجية والتنفيذية وأدواتها المستخدمة ضمن الخيارات المستقبلية، وتوفير الأدوات والتطبيقات التعليمية المتطورة، وتوفير الخدمات اللوجستية كي تكون قادرة على التكيف من تلك التحديات بجدارة وكفاءة وصولاً إلى أهدافها التعليمية والتعلمية وفقاً لرويتها ورسالاتها بالتطلع نحو مستقبلٍ أفضل.