الجدل الأكاديمي نحو التعليم عن بُعد
بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية
لقد مضى على جامعاتنا الأردنية عام دراسي كامل وهي تستخدم منظومة التعليم عن بُعد كخيار وحيد في ظل ظروف جائحة كورونا والتي مازالت تفرض نفسها على التعليم الجامعي في الجامعات الأردنية والكثير من جامعات العالم. ولقد لاحظنا ردود فعل أعضاء هيئة التدريس ومن مختلف الرتب العلمية منذ البدء بالعمل بالتعليم عن بُعد والتي كانت في الغالب ناتجة عن قناعات شخصية والتي أفرزت فئتين من الأساتذة ؛ الفئة الأولى وهي غير مؤيدة تماماً لفكرة تطبيق التعلم عن بعد وذلك لعدم جدوى هذا الخيار من وجهة نظرهم ولأعتقادهم بإن التعليم عن بُعد سيخفض من مستوى جودة التعليم مقارنة بالتعليم الوجاهي ، والفئة ألأخرى ترى بإن التعليم بُعد لايقل أهمية عن التعليم الوجاهي ولا يقلل من مستوى جودة التعليم بل على العكس فهو يساعد على مواكبة التطور التكنولوجي في التعليم الجامعي. وعلى الرغم من تباين الآراء والقناعات بصدد تطبيق التعليم عن بعد فقد شهدنا كيف قامت هاتين الفئتين من أعضاء الهيئة التدريسية بتأدية واجباتهم التعليمية والتعلمية لطلبتهم وفقاً لما هو متاح لهم من أدوات وتطبيقات في التعليم الجامعي مع تفهم الجميع لبعض التحديات التقنية التي واجهت العملية التعليمية وفق خيار التعليم عن بُعد ..
إن هذا الجدل قد أخذ مساحة كبيرة في الحديث والنقاش لا بل أخذ يمتد وبشكلٍ واضح في أحاديث الطلبة وذويهم من حيث مزايا وعيوب التعليم الوجاهي مقارنة بالتعليم عن بُعد. ولكن هذا الجدل هو في الأساس كان نابعاً وكما ذكرت عن قناعات ووجهات نظر ممن يتحدثون بهذا الموضوع سواء كانت ناتجة عن خبرة أو معرفة أو غير ذلك، ولكن لا أرى بإن هذه القناعات والآراء تُعد من المُسلمات مع كل الإحترام والتقدير، وأن لا تبقى هذه القناعات والآراء مثار للجدل المتواصل لعدم جدواه، ولكن الأصل بالموضوع وأخص أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا ولهم كل الإحترام والتقدير على جهودهم وآراءهم البناءة، ولكن يجب على الجميع العمل على طرح أفكار نتوافق عليها جميعاً تقودنا إلى حلول بديلة للأرتقاء بمنظومة التعليم الجامعي حتى نحافظ على مستوى التعليم الجامعي لجامعاتنا لتبقى محل إعتزازنا وتكون دائماً في طليعة الجامعات عربياً وأقليمياً، وهذا الأمر يستدعي منا المزيد من الجهود من كل الأطراف ذات العلاقة بالعملية التعليمية في الجامعات في ظل الظروف والتحديات التي تواجه قطاع التعليم في العالم وفي ظل التوجه العالمي نحو توظيف التكنولوجيا بمنافعها ومزاياها في قطاع التعليم الجامعي.
وعليه نرى بإن تطوير منظومة التعليم الجامعي بإدواتها وتطبيقاتها تتطلب من الجامعات العمل وبشكلٍ جاد على ترسيخ ثقافة التعليم عن بُعد لدى منتسيبيها وطلبتها، وكيفية توظيف الأدوات والتطبيقات المتطوره
تكنولوجياً في العملية التعليمية لدى أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة من أجل الأرتقاء بجودة التعليم، والتركيز على تطوير قدرات ومهارات أعضاء الهيئة التدريسية لديها لتسهيل وتسريع عملية تبني ثقافة التعليم بإستخدام التقنيات والتطبيقات التكنولوجية الحديثة ذات القدرات العالية كي تستخدم بمهارة عالية في تحقيق رسالة التعليم الجامعي.
ولهذا بات من الضروري أن تعمل الأدارات الجامعية على عقد جلسات حوراية مع أعضاء هيئة التدريس للأستماع لآراءهم وبموضوعية للخروج بمقترحات وتوصيات ترمي إلى تعزيز ثقافة راسخة وإيمان حقيقي لدى الجميع بأهمية التعليم القائم على التكنولوجيا ،والتفكير بموضوعية وخارج الصندوق في كيفية إذابة العقبات والمشاكل التي تعيق رسالة الجامعات التعليمية والتعلمية والتطلع إلى الأمام بنظرة مستقبلية وبإنفتاح وتفاؤل لبناء صورة مشرقة عن التعليم الجامعي في جامعاتنا وكما عهدناها بصورتها الريادية والمُشرفة لتمكينها من تجاوز هذا الظرف الطارئ والإلتحاق بمصاف الجامعات العالمية.