الجامعات والمسؤولية المجتمعية
بقلم: أ.د. يونس مقدادي – جامعة عمان العربية
أن المسؤولية المجتمعية أو خدمة المجتمع المحلي أصبحت من المحاور الرئيسة للخطط الاستراتيجية لكافة مؤسسات القطاعين العام والخاص ومنها قطاع التعليم الأساسي والعالي وبشكلٍ خاص الجامعات بإعتبارها مؤسسات تعليمية كبيرة تحتل مساحة واسعة من حيث المخرجات التعليمية والتعلمية في حياة أفراد المجتمع الواحد. وكما نعلم أيضاً بإن هذه المؤسسات الرائدة بإمكانياتها ورسالاتها التعليمية تسهم وبفاعلية في تزويد طلبتها بالعلم والمعرفة، والمهارات الشخصية والسلوكية، بالاضافة إلى تعزيز المفاهيم الفكرية الحضارية لمنتسيبها وطلبتها على حدٍ سواء سعياً لبناء مجتمعاً متأصلٍ بقيمه المجتمعية وبإعتبارهم بنفس الوقت السفراء الحقيقين وحلقة الوصل الأساسية ما بين الجامعات والمجمتع بمختلف فئاته وطبقاته سعياً لتغيير الاتجاهات والمفاهيم السلبية وغير المرغوب بها وتحويلها إلى إيجابية تنعكس تماماً على حياة أفراد المجتمع وسلوكياته اليومية.
أن المسؤولية المجتمعية وكما يراها الكثير من المهتمين بالشأن المجتمعي والسلم المجتمعي قد أصبحت محط أهتمام أصحاب القرار في كافة القطاعات ومنها قطاع التعليم والتعليم العالي والمتمثلة بالجامعات لما لها من العديد من الأدوار الفاعلة والمؤثرة في تغيير المفاهيم السلبية وغير المرغوب بها والمتمثلة بسلوكيات يرفضها المجتمع وصادرة من بعض أفراد المجتمع، على الرغم من أن مجتمعنا الأردني والذي نعتز به دائماً يحكمه مجموعة من القيم العربية الإصيلة ومن مختلف أطيافه وأعراقه والتي هي بمثابة السر الحقيقي لتماسك المجتمع عبر العقود الماضية حتى وقتنا الحاضر.
أن الجامعات كمؤسسات وطنية يقع أيضاً على عاتقها العمل بمضمون المسؤولية المجتمعية بإعتبارها مؤسسات تعنى وبشكلٍ واضح بفئة الشباب على أعتبارها الفئة الأكبر في مجتمعنا الأردني بالعمل على إعدادهم وتزويدهم بالعلم، والمعرفة، وصقل الشخصية ليكونوا قادة المستقبل في كافة ميادين الحياة، بل أمتدت إلى صناعة جيلاً متمسكاً بعاداته، وقيمه الأصيلة، ونبذ العنف بإشكاله ، والسلوكيات غير المرغوب بها سواء على صعيد الأسرة، أو الشارع العام، أو المناسبات المجتمعية بإعتبار هذه الفئة هي الأساس بفكرها الناضج تصحيح الكثير من القضايا الماسة بحياة المجتمع .
وتحقيقاً لذلك فعلى الجامعات المزيد من الأهتمام بالشباب وكما عهدناها بإعتبارها الحاضنة الأساس في بناء وصقل شخصية الطلبة الممزوجة بالفكر الناضج، والسلوك العقلاني ليكونوا النواة الحقيقية في بناء المجتمع
وذلك خلال إعداد حلقات نقاشية وحوارية متخصصة بالسلوك المجتمعي يترأسها الطلبة أنفسهم بالحديث عن هكذا حالات ليكون لهم الدور الحقيقي في معالجة هكذا حالات والخروج بتوصيات يصنعها الطلبة، وكذلك إعداد ورش عمل متخصصة هدفها وضع الطلبة في مشهد تصويري لبعض الأحداث أو الحالات المجتمعية لأطلاعهم على إستطلاعات الرأي العام للمجتمع ورفضه القاطع بحق مرتكبي تلك السلوكيات غير المرغوب بها مع بيان الجانب الإجتماعي والقانوني لتلك الحالات ومنها على سبيل المثال لا للحصر إطلاق العيارات النارية التي شهدناها في يوم نتائج الانتخابات النيابية والتي أخذ الحديث حولها مطولاً والانتقادات كانت بحقها واسعة على الرسمي والمجتمعي، وكذلك طرح مساقات متخصصة تهتم في علم السلوك الأجتماعي والنفسي على أن تكون هذه المساقات إجبارية حوارية لامنهجية(حلقات نقاشية) تمكن الطلبة من خلالها التعبير عن آراءهم حول بعض القضايا والحالات التي تمس المجتمع، وكذلك إتاحة المجال بمساحة أكبر لأعضاء هيئة التدريس للحديث عن هكذا حالات في محاضراتهم لأغراض التوعية ولو بجزءٍ قصير من وقت المحاضرة حال دعت الحاجة لذلك، بالاضافة إلى عمادات شؤون الطلبة على أن تقوم بوضع برامج توعوية للطلبة ضمن خططها السنوية للقضايا المجتمعية بدلاً من الأكتفاء بنشاطاتها الللأمنهجية كالمناسبات والاحتفالات وقضايا التأديبية للطلبة. وبإعتقادي المتواضع فإن إتباع مجمل هذه الأدوات سيكون لها المساهمة الكبيرة في إذابة المفاهيم والسلوكيات والممارسات الفردية والمجتمعية غير المرغوب بها نحو بناء مجتمعٍ أمن وحضاري.