سِجال التصنيف الأكاديمي
بقلم: أ.د.يونس مقدادي
تابعنا ومن خلال وسائل الأعلام لعدد من القامات الأكاديمية ممن لهم آراء متباينة بحق التصنيف الأكاديمي كأحد الملفات الأكاديمية الساخنة والذي أصبح يفرض نفسه على الجامعات في شتئ أنحاء العالم والهادف إلى إبراز هوية ومكانة وسمعة ومخرجات الجامعات التعليمية ضمن ترتيب تحصل عليه الجامعات المشاركة به وفق معايير محددة، ويتم ذلك سنوياً ضمن تقارير تصدر عن مؤسسات عالمية متخصصة، على إعتبار أن التصنيف بملفاته ومعاييره لأهميته يُلزم الجامعات تحسين مدخلاتها ومخرجاتها التعليمية والبحثية وغيرها حرصاً منها على سمعتها الأكاديمية وقدرتها التنافسية تناغماً مع مستجدات التعليم الجامعي حول العالم.
لقد تباينت وجهات النظر ممن هو مؤيد و رافض ، فمنهم يرى بإن التصنيف لعبة أو أكذوبة تديرها مؤسسات عالمية تجارية أهدافها جني الأموال من الجامعات باعتبارها الزبون الفعلي للتصنيف، والبعض أشار بإن بعض الجامعات المرموقة قد خرجت من التصنيف لاكتشافها بعض الحقائق عن مؤسسات التصنيف العالمية، والبعض أشار بإن بعض الجامعات توظف موضوع التصنيف لغايات تسويقية ، بينما أشار البعض بأهمية التصنيف الأكاديمي كمدخل يركز على تحسين نوعية مخرجات التعليم للجامعات للتأكد من قدرتها على الاستجابة لمتطلبات سوق العمل، والحديث مازال مستمراً.
وبغض النظر عن تباين الآراء والتي تُقدر وتحترم ، لقد أشارنا في مقال قد نشر سابقاً قد تناولنا فيه موضوع التصنيف الأكاديمي وأهميته، وقد بينا فيه حجم الجهود المطلوبة والتهيئة اللازمة كبنية تحتية والتي يجب على الجامعات توفيرها كمتطلبات أساسية وفقاً لمعايير التصنيف من حيث البنية الأكاديمية والتعليمية والبحثية وغيرها، وأقترحنا أيضاً بإنه لابد من عقد مؤتمر عام يجمع الجامعات لمناقشة متطلبات التصنيف الأكاديمي العالمي لأهميته للخروج بخطة استراتيجية وطنية للتعامل مع متطلبات التصنيف على إعتبارها جامعات وطنية.
وعليه نرى بعدم وجود ما يمنع من التحرك نحو التصنيف بالرغم من قناعتنا بتواضع الأمكانيات لجامعاتنا التنافسية بالمقارنة بالجامعات الأقليمية والعالمية ذات السمعة والمرموقية والتاريخ والأماكانيات الأكاديمية والتعليمية الضخمة، ولا يمنع أيضاً لجامعاتنا من تفعيل تطبيق معايير التصنيف لتغيير الوجه الأكاديمي التقليدي والتفكير جدياً نحو العالمية من خلال تبني مضامين تلك المعايير لتكون نواة حقيقية لخوض معترك التصنيف بالرغم من مؤشرات التحسن المتواضع والتي أظهرتها تقارير مؤسسات التصنيف والتي نشرت خلال السنوات القليلة الماضية وخصوصاً تصنيف كيو أس، ولكن معايير التصنيف بحاجة إلى تركيز ومزيد من الجهود، وأن يكون القائمين عليه من ذوي الخبرة والاختصاص.
نعي جميعا بمدى حاجة جامعاتنا إلى التغيير والتحسين النوعي لمدخلاتها ومخرجاتها، ولا يجوز لنا أن نبقى في مربع السِجال وبعيداً عن ما يجري من تطور أكاديمي أقليمياً وعالمياً وخاصة في ظل التنافسية العالمية والتي أرست بظلالها على جميع القطاعات ومنها قطاع التعليم الجامعي على وجه الخصوص، والذي مازال محكوماً لسوق العمل والتوظيف للخريجين بإعتباره تحدياً ساخناً مما يستوجب على إدارات الجامعات الاهتمام بسمعتها ومكانتها وهويتها الأكاديمية التنافسية لتوظيفها في مجالات كثيرة ومنها استقطاب الطلبة، وتوظيف الخريجين وغيرها. لذا نرى بإن التصنيف قد أصبح ضرورة ماسة للجامعات للارتقاء برسالتها التعليمية وفيه مصلحة عامة لجميع الأطراف ذات العلاقة تناغماً مع رؤى وتطلعات صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله أبن الحسين المعظم وولي عهده الأمين حفظهم الله ورعاهم.