الجامعات ومفهوم التنافسية
بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية
لوحظ منذ بداية العقد الماضي بتحول واضح في توجهات حاكمية الجامعات الأردنية نحو العديد من الملفات والتي أعتبرها البعض تحدياً مصيرياً لمستقبل الجامعات والهادفة إلى تعزيز مكانتها وحضورها المستدام في الوسط التعليمي الأكاديمي الجامعي محلياً وإقليمياً وعالمياً، وما يجري تأتى كنتيجة للعديد من التغيرات التي طرأت على قطاع التعليم الجامعي في جميع أنحاء و العالم والذي كان هدفه ترسيخ ثقافة ومفاهيم التنافسية إنطلاقاً من التغيير الجوهري لمدخلات ومخرجات الجامعات بما يتوافق مع المستجدات على كافة الصُعد حرصاً من الجميع على بقاء وديمومة الجامعات ولكن بثوبٍ جديد وبعيداً عن المفاهيم التقليدية في إدارة الجامعات وتوجهاتها الأكاديمية.
إن هذا التحول نحو التنافسية بإبعادها قد أصبح مفروضاً وبشكلٍ ملحوظ على قرارات مجالس الحاكمية في الجامعات الأكاديمية والإدارية وضمن مسميات مختلفة منها الجودة الأكاديمية ، والتصنيف الأكاديمي، والاعتمادات للبرامج الأكاديمية المحلية والعالمية، والشراكات الأكاديمية، وتوظيف الخريجين وغيرها إستجابة للمستجدات العالمية في قطاع التعليم الجامعي على الرغم من عدم إيمان البعض بها، ولكنها شكلت بمجملها تحولاً جوهري في توجهات الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الرسمية كمنظم رسمي للجامعات وذلك وفقاً لرؤى إستراتيجية تسعى إلى توجيه الجامعات الرسمية والخاصة نحو البدء وبجدية للخوض معترك تلك الملفات والايفاء بمتطلباتها لرفع سوية تنافسية الجامعات بمثيلاتها الإقليمية والعالمية.
أن من أبرز وأهم شواهد مخرجات تنافسية الجامعات والمعروفة للجميع ملف التوظيف للخريجين والذي يُعد من أهم المعايير الدالة على قدرة الجامعات وبرامجها الأكاديمية بالاستجابة لمتطلبات سوق العمل إنطلاقاً من القدرات التنافسية للخريجين بالاستحواذ على الفرص المتاحة والتي تُعبر وبصراحة على قدرات الجامعات التنافسية، والتي بدورها تحكم وتميز ما بين خريجي جامعة وأخرى وبغض النظر سواء كانت حكومية أم خاصة. وهذا الملف أصبح الشغل الشاغل لإدارات الجامعات نحو العالم.
ويرى العديد من المتابعين ومن أصحاب الخبرات الأكاديمية الذين كان لهم آراء ومقالات بهذا السياق حيث أشاروا وبصراحة بملاحظات توجيهية مضمونها بإن جامعاتنا بأمس الحاجة إلى ترسيخ ثقافة تقوم على مفهوم ومبادئ التنافسية في جميع مفاصل العمل الأكاديمي والإداري في الجامعات لتكون أولوية أساسية على سلم أولويات حاكمية الجامعات لتمكينها من رفع شأنها التنافسي مما يتتطلب الأمر إلى عملية ترجمة حقيقية لهذه الأولية ومنها بُعد النظر والتحليل الموضوعي لكافة هذه الملفات ومتطلباتها بدءٍ من تكليف قيادات أكاديمية صاحبة خبرة واسعة ذات تطلعات أكاديمية مستقبلية وليس قيادات تسيير أعمال، ناهيك عن تغيير جذري للفكر السائد والمتمسك بالمفاهيم والأدوات الأكاديمية التقليدية، والتقييم الدوري لفاعلية البرامج الأكاديمية ومخرجاتها، وتطوير أساليب التدريس، وتطوير الخطط الدراسية ومخرجاتها، وتعزيز ثقافة الابداع والابتكار ضمن برامج متخصصة تحفز الطلبة وكوادرها الأكاديمية والإدارية، وتوفير بئية أكاديمية وتعليمية جاذبة في كافة مرافق الجامعات، وإعادة النظر بسياسات القبول، وكذلك تعديل معايير وشروط الاستقطاب الوظيفي لكوادرها الأكاديمية والإدارية وغيرها والتي تعتبر النواة الحقيقية لمفهوم ومبادئ التنافسية لتمكين الجامعات الخروج من عنق الزجاجة لترتدي ثوباً جديداً يعكس جاذبيتها التنافسية يشار لها بالبنان اقليمياً وعالمياً.
وبهذه التوصيات المتواضعة نتطلع دائماً ومن باب حرص الجميع كشركاء في توجيه بوصلة الجامعات نحو العمل بمفوم التنافسية وثقافتها لتكون قادرة على التكيف مع متطلبات التنافسية الأكاديمية وإبراز هويتها الناصعة بصورة أكثر واقعية وتناغم حرصاً على مكانتها التنافسية وحضورها المستدام في الوسط الأكاديمي محلياً وأقليمياً وعالمياً.