هل احترق المسنون ام احترقت قلوبنا؟؟
مسنون طاعنون لم يتوقعوا في يوم من الأيام أن يعيشوا بعيدين عن ابناءهم وأحفادهم الذين يملؤون البيت ضجيجا ...
يمازحهم ويمازحونه...
يلاعبهم ويلاعبونه...
يغضب قليلا ويضحك كثيرا
في يده تلك " العكازة" ليشير بها على ما يريد
يطرق جارهُ البيتَ ليحتسيَ فنجانًا من القهوة في جلسة مليئةٍ بالذكريات والمغامرات يجلسُ على عتبةِ البيتِ لتضرِبَ الشمسُ عظمَهُ وهو ينظرُ للناسِ على اختلاف ألوانهم وأشكالهم بقمةٍ من الفرح والسرور والبهجة
ولكن آآآآآآآه
هناك سؤالٌ محيرٌ ومهم بعد أن شاهدنا جميعًا تلك الواقعة المؤلمة التسي حدثت في دار المسنين
هل احترق المسنون ام احترقت قلوبنا؟
وأقولها بصوت مرتفع يعلوهُ كتلةٌ من الأسى والحزن احترقت قلوبنا واحترقت ثم احترقت واحترقت وسببه غدر الأبناء... ثم غدر الابناء... ثم غدر الأبناء نعم.... أيّها الابن العاق ....
قصّرت فعققتَ فخبتَ وربّ ِالكعبة
نعــــــم ...
قلوبنا التي احترقت حزناً وحسرةً حزناً ... على جيل ربّونا بسواعدهم وعرق جبينهم حتى صرنا إلى ما صرنا إليه وحسرةً على هذا الجيل البعيد عن ربه ودينه ونبيه صلى الله عليه وسلم فهذا ابنه بل كلُّ أولاده لم يتحملوه............. فضاجوا وتذمروا وهذه ابنته بل كلُّ بناته ........ انشغلن بأزوجهنّ وأولادهن وكأنهنّ ولدن دون آباء وهذه زوجة ابنه تُسِرُّ لزوجها مراراً وتكراً إلى متى هذا الحال؟؟؟ مستخدمةً كلَّ أساليب المكر والخداع والتضيق...
تأخيرٌ للطعام...
منعٌ للزوار...
قلةٌ في النظافة...
حدٌّ للاختلاط من المقربين والبعيدين
حتى دخلت الكآبة قلبه فتمنى الخروج من هذه الحال إلى حال أفضل وفي نفسه غصة ألمٍ فدخل الشيطان فرحاً مسروراً وقالوا مثل ما قال نضعه في دار المسنين وسيرتاح ونرتاح ناسين متناسين ؛ والرانُ خيّمَ على قلوبهم وآذانهم وأبصارهم
قول الله تعالى :" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54]
وقوله تعالى " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((رغم أَنف ثم رغم أَنف ثم رغم أَنف مَنْ أَدرْكَ أَبَويْهِ عِنْدَ الْكِبرِ أَحدُهُمَا أَوْ كِلاهُما فَلمْ يدْخلِ الجَنَّةَ) رواه مسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل الذي استأذنه في الجهاد فقال: (أحيٌّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد)،
وقد أخبر رسول الله أصحابَه عن رجل يأتي في أمداد أهل اليمن: ((لو أقسم على الله لأبرَّه)) يُدْعى: أويس القرني، مستجاب الدعاء، أتدرون ما سر هذه الكرامة الإلهية؟ ((لقد كان بارًّا بأمه))؛ أي: مطيعًا لها، ويبالغ في الإحسان إليها.
وفي الختام أيها الجيل:
اتقوا الله ربكم واعلموا أنّكم قادمون إلى محطة الكِبَر ِ و الشيخوخة، وأنّكم تسيرون في قطار الحياة الزائفة
فإذا أحسنتم سيؤحسن إليكم....
وإذا احتَرمتم احتُرِمتُم
وإذا أسأتم فعليها وما ربّك بظلّام للعبيد
و كما تُدينُ تُدان و ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]
أسأل الله يرحم والدينا وان يرزقنا برّهم في حياتهم وبعد مماتهم
آمين...